السبت، 2 يناير 2010

جيران السوء!

جيران السوء!


في «المساء»، نتوقف مطولا عند ملف يقول، في أحد عناوينه، إن «إسبانيا تعيد فتح ملف الموريسكيين بعد 400 سنة على طردهم من الأندلس».
في «الشرق الأوسط»، نقرأ، تحت عنوان «مغاربة طردوا من الجزائر في السبعينيات يعتزمون مقاضاة السلطات الجزائرية دوليا»، أن «الحكومة الجزائرية في عهد الرئيس هواري بومدين كانت قد أبعدت آلاف المغاربة الذين يعيشون في الجزائر، مبررة ذلك الإجراء بأنه يهدف إلى الحفاظ على الأمن الداخلي للبلاد، بعد أن قرر المغرب ضم الصحراء عقب «مسيرة خضراء» دعا إليها الملك الراحل الحسن الثاني وشارك فيها 350 ألف مغربي، وقيل وقتها إن الجزائر تعمدت إبعاد العدد نفسه من المغاربة الذين ولد بعضهم هناك وانقطعت علاقاتهم ببلدهم الأصلي».
نتوجه شرقاً، إلى الجزائر، فنقرأ في «الشروق» خبراً يتحدث عن تسليم الانفصالية أمينتو حيدر «الدرع الخاص بسنة 2009».
كان هناك شريط مصور، مرفق بالخبر، على الموقع الإلكتروني للجريدة الجزائرية، هذا جزء مما جاء فيه، على لسان الانفصالية، التي كانت تتحدث، إلى الجزائريين، وهي مرتاحة على سرير نومها، بمدينة العيون المغربية: «هذا التكريم دعم حقيقي لكل الشعب الصحراوي، وبشكل خاص للحركة الحقوقية الصحراوية، التي تعاني من ويلات الاستعمار المغربي ومن القمع والاضطهاد السياسي والاعتقال التعسفي والاختطافات والتعذيب»!
غير بعيد عن صور التكريم وشريط الانفصالية، كان هناك مقال آخر، يحمل عنوان: «جميلة بوحيرد.. الأسطورة والواقع؟!»، تحدث فيه كاتبه عن رسالة المجاهدة التي «أحرجت العديد من الأطراف وكشفت عن المستور والمعروف».
والمثير في الأمر أن صرخة جميلة بوحيرد جاءت في غمرة انشغال الجزائر، قيادة وصحافة، بتداعيات «الحرب» الكروية، التي جمعت المنتخبين الجزائري والمصري، ودعمها المفضوح للانفصالية أمينتو حيدر.
وما بين ملعب أم درمان ومطار لانثاروتي، لا أحد، في الجزائر، طالب بأن يعطى «درع» شخصية العام للجميلة بوحيرد، وليس للانفصالية حيدر، ولو أني، شخصيا، صرت أميل إلى فرضية أن يكون جيراننا مصابين بالحول، والدليل أنهم بدل أن يهتموا بالجميلة انشغلوا بالانفصالية، وبدل أن يكنسوا باب منزلهم راحوا يكنسون باب الجيران!
نرحل شمالاً، صوب إسبانيا، لنتوقف عند استطلاعات رأي، تحتل فيها نفس الانفصالية الرتبة الثانية خلف باراك أوباما، رئيس الولايات المتحدة الأمريكية، متقدمة على لولا دا سيلفا، الذي أصبح أول رئيس للبرازيل ينتمي إلى الطبقة العاملة، آتيا إلى الحكم من العمل كماسح للأحذية بضواحي ساو باولو وصبي بمحطة بنزين وخراط وميكانيكي سيارات وبائع خضر، بل إن سيلفيو بيرلوسكوني، رئيس الوزراء الإيطالي، يحتل، في استطلاع «إل موندو»، مثلا، الصف الرابع، رغم أنه شغل الناس طوال العام، أولا بمغامراته، وثانيا بأخبار فريق «الميلان»، وثالثا بتعرضه لاعتداء خلف كدمات بالغة في وجهه وجرحا داخلياً وخارجياً في شفته وكسراً في أنفه، إضافة إلى كسر اثنتين من أسنانه.
نعود إلى الجزائر «الشـْـقيقة» (بتسكين الشين، هذه المرة، من فضلكم. والشـْـقيقة، لمن لا يعرف معناها الدارج، هي صـُـداع يصيب الرأس)، فنقرأ في «الشروق» أن «محمد العماري محرز، رئيس اللجنة الشعبية لمساندة الشعب الصحراوي» (!) قال إن «القضية الصحراوية سيعطاها، سنة 2010، البعد الجماهيري الإفريقي خلال دورة كأس العالم 2010 بجنوب إفريقيا» (!)، وإنه «تم الاتفاق على حضور الأعلام الصحراوية بالملعب»!
هل هناك وضع أسوأ من أن يحاط بلد، كالمغرب، بجيران، من الشرق والشمال، يريدون له السوء ويخططون للإيقاع به، في السر وفي العلن؟!
لكن، إذا كان للموقف الإسباني، ما يبرره، هنا، بالنظر إلى مجموعة من «الذكريات» المشتركة والتي تمتد إلى أيام الفتح الإسلامي لبلاد الأندلس، فإن دوافع الجزائر تبقى دون المبررات التي يمكن أن نفسر بها مواقف الجار الشمالي.
وقبل أيام، فقط، قرأنا أن عبد العزيز بلخادم، وزير الدولة الجزائري، قال، في مؤتمر صحافي، في ختام اجتماع لحزب جبهة التحرير الوطني الحاكم، إن «الجزائر تحيي نضال السيدة أمينتو حيدر، التي نجحت في إيصال صوتها النضالي، ونتمنى أن يصغي الجميع إلى صوت العقل الذي يقول إن مأساة الشعب الصحراوي لن تنتهي إلا بتمكينه من استفتاء يحدد على ضوئه مصيره بنفسه»!
«تحية»، سيرد عليها أحد المغاربة، بكثير من الضجر، قائلا: «مع جار كالجزائر، لم نعد نرغب في بناء اتحاد مغاربي، بل نحلم بجدار يفصلنا عن الجزائر»!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق