أول شيء أتوقعه، في إطار حملة الجهوية التي يتحرك فيها المغرب حاليا، هو أن يتم بناء مستشفيات مختصة في كل الجهات. ففي الشمال، يتم بناء مستشفى كبير لعلاج مرضى السرطان، لأن سكان هذه المنطقة يشكلون 60 في المائة من مجمل مرضى السرطان في المغرب، وسيكون من الجميل أن يسمعوا عن الجهوية ثم يروا مباشرة أمامهم مستشفى متكاملا يوقف معاناة الانتظار لدخول مستشفيات الرباط والدار البيضاء.
شيء آخر ننتظره في إطار الجهوية، وهو أن يتم بناء جامعات في كل الجهات بالمغرب، ومدارس في كل القرى، وطرق معبدة نحو كل الأماكن المعزولة، ومستوصفات على قمم الجبال حيث يموت الأطفال بردا ولا تجد الأمهات الحوامل دابة يركبنها من أجل التنقل إلى مستشفيات بعيدة.
المغاربة، الذين يبدو أنهم فوجئوا بالكلام عن جهوية موسعة، يجب أن يدركوا أن الجهوية ليست مصطلحا جافا يلاك في الصالونات السياسية وكلاما يكرره السياسيون مثل ببغاوات، بل إنها تشبه معركة، معركة من أجل تنمية المناطق البعيدة التي لا تزال تعيش وكأن المغرب لم يخرج بعد من العصر الحجري.
الجهوية الحقيقية هي أن يتم بناء كل المرافق الضرورية في كل مناطق المغرب.. يعني أن توصلك الطريق المعبدة حتى أقصى قرية، وتجد مستوصفا في أبعد بلدة، ويدرس كل أطفال المغرب في مدارس قرب بيوتهم ولا يضطرون إلى السفر كل يوم، تحت المطر أو تحت الشمس الحارقة، من أجل الوصول إلى فصل دراسي بلا سقف.
الجهوية هي أكبر بكثير من مصطلح سياسي تتهافت الأحزاب والجمعيات، اليوم، على تنظيم ندوات بشأنه وكأنه موضة. الجهوية الحقيقية هي أن يصل القطار حتى أكادير والعيون والناظور والحسيمة وتطوان، وأن يتوقف مسؤولو الرباط عن اعتبار المناطق النائية جزرا معزولة يزورونها فقط لكي يثبتوا أنها تنتمي ترابيا إلى المغرب، وبعد ذلك ليذهب سكانها إلى الجحيم.
الجهوية هي أن يتوقف المسؤولون في الرباط عن إعطاء أوامرهم لمسؤولي الجهات بالهاتف، وأن يتوقف القضاة في المناطق والمدن البعيدة عن انتظار الأوامر، وأن يؤدي سكان المناطق الجهوية ضرائبهم لجهتهم فقط من أجل تنميتها، وليس لصناديق الرباط التي تبعثرها كيفما تريد.
الجهوية الناضجة هي أن يوجه المهاجرون المغاربة تحويلاتهم بالعملة الصعبة إلى مناطقهم الأصلية، وأن تستفيد مناطقهم من استثماراتهم، وأن تتوفر السلطات والجماعات في الجهات على حق إصدار القرارات من دون حاجة إلى الرجوع إلى أولياء أمورهم في العاصمة، وأن يتوقف تلفزيون الرباط والدار البيضاء عن اعتبار باقي المغاربة زوائد، ولهجاتهم تصلح فقط لإثارة الضحك أو كموضوع للنكات.
في إسبانيا، القريبة منا جدا، توجد تجربة جهوية ناجحة بمقاييس عالمية. وعندما مات فرانكو سنة 1975، وهو يتشابه مع كل الدكتاتوريين في العالم، رغم أنه كان دكتاتورا «لايت»، فإن إسبانيا شقت طريقها نحو نظام جهوي حقيقي. صار الناس يرون قراهم تتنمى، وثقافاتهم المحلية تزدهر، ونخبهم تسطع، وضرائبهم تؤدى إلى الحكومات المحلية ولا يفترسها حكام العاصمة، وظهرت تلفزيونات وإذاعات جهوية، ولم تبق قرية بلا إنارة أو مدرسة، وأنشئت جامعات في كل المدن، ولم يعد ممكنا أن يمرض مواطن فلا يجد له فراشا في مستشفى، وتوقف مثقفو وأطر ومبدعو المناطق البعيدة عن الرحيل نحو مدريد بحثا عن فرص العمل والنجاح، وأنشئت أحزاب جهوية بدون عقد، وعند ذاك اقتنع الإسبان بأن الجهوية شيء جميل جدا، ولم يفرقوا بينها وبين التنمية والازدهار. هكذا ارتبط ازدهار إسبانيا بالجهوية، ولم يحدث يوما أن تفتتت البلاد لأن الذي يفتت البلاد هو الدكتاتورية وليس الديمقراطية الكاملة والجهوية الحقيقية.
المغاربة ينتظرون اليوم من الجهوية نفس ما انتظره الإسبان من نظامهم الجهوي. إنهم لا يريدون أن «تفرع» لهم النشرات الإخبارية رؤوسهم بالحديث عن نظرية الجهوية، بل يريدون رؤيتها على الأرض، ورؤية الجهات وهي تتحول إلى أوراش عمل، ويكون الجميع مقتنعا بمغربيته، وأيضا بخصوصيته.
شيء آخر ننتظره في إطار الجهوية، وهو أن يتم بناء جامعات في كل الجهات بالمغرب، ومدارس في كل القرى، وطرق معبدة نحو كل الأماكن المعزولة، ومستوصفات على قمم الجبال حيث يموت الأطفال بردا ولا تجد الأمهات الحوامل دابة يركبنها من أجل التنقل إلى مستشفيات بعيدة.
المغاربة، الذين يبدو أنهم فوجئوا بالكلام عن جهوية موسعة، يجب أن يدركوا أن الجهوية ليست مصطلحا جافا يلاك في الصالونات السياسية وكلاما يكرره السياسيون مثل ببغاوات، بل إنها تشبه معركة، معركة من أجل تنمية المناطق البعيدة التي لا تزال تعيش وكأن المغرب لم يخرج بعد من العصر الحجري.
الجهوية الحقيقية هي أن يتم بناء كل المرافق الضرورية في كل مناطق المغرب.. يعني أن توصلك الطريق المعبدة حتى أقصى قرية، وتجد مستوصفا في أبعد بلدة، ويدرس كل أطفال المغرب في مدارس قرب بيوتهم ولا يضطرون إلى السفر كل يوم، تحت المطر أو تحت الشمس الحارقة، من أجل الوصول إلى فصل دراسي بلا سقف.
الجهوية هي أكبر بكثير من مصطلح سياسي تتهافت الأحزاب والجمعيات، اليوم، على تنظيم ندوات بشأنه وكأنه موضة. الجهوية الحقيقية هي أن يصل القطار حتى أكادير والعيون والناظور والحسيمة وتطوان، وأن يتوقف مسؤولو الرباط عن اعتبار المناطق النائية جزرا معزولة يزورونها فقط لكي يثبتوا أنها تنتمي ترابيا إلى المغرب، وبعد ذلك ليذهب سكانها إلى الجحيم.
الجهوية هي أن يتوقف المسؤولون في الرباط عن إعطاء أوامرهم لمسؤولي الجهات بالهاتف، وأن يتوقف القضاة في المناطق والمدن البعيدة عن انتظار الأوامر، وأن يؤدي سكان المناطق الجهوية ضرائبهم لجهتهم فقط من أجل تنميتها، وليس لصناديق الرباط التي تبعثرها كيفما تريد.
الجهوية الناضجة هي أن يوجه المهاجرون المغاربة تحويلاتهم بالعملة الصعبة إلى مناطقهم الأصلية، وأن تستفيد مناطقهم من استثماراتهم، وأن تتوفر السلطات والجماعات في الجهات على حق إصدار القرارات من دون حاجة إلى الرجوع إلى أولياء أمورهم في العاصمة، وأن يتوقف تلفزيون الرباط والدار البيضاء عن اعتبار باقي المغاربة زوائد، ولهجاتهم تصلح فقط لإثارة الضحك أو كموضوع للنكات.
في إسبانيا، القريبة منا جدا، توجد تجربة جهوية ناجحة بمقاييس عالمية. وعندما مات فرانكو سنة 1975، وهو يتشابه مع كل الدكتاتوريين في العالم، رغم أنه كان دكتاتورا «لايت»، فإن إسبانيا شقت طريقها نحو نظام جهوي حقيقي. صار الناس يرون قراهم تتنمى، وثقافاتهم المحلية تزدهر، ونخبهم تسطع، وضرائبهم تؤدى إلى الحكومات المحلية ولا يفترسها حكام العاصمة، وظهرت تلفزيونات وإذاعات جهوية، ولم تبق قرية بلا إنارة أو مدرسة، وأنشئت جامعات في كل المدن، ولم يعد ممكنا أن يمرض مواطن فلا يجد له فراشا في مستشفى، وتوقف مثقفو وأطر ومبدعو المناطق البعيدة عن الرحيل نحو مدريد بحثا عن فرص العمل والنجاح، وأنشئت أحزاب جهوية بدون عقد، وعند ذاك اقتنع الإسبان بأن الجهوية شيء جميل جدا، ولم يفرقوا بينها وبين التنمية والازدهار. هكذا ارتبط ازدهار إسبانيا بالجهوية، ولم يحدث يوما أن تفتتت البلاد لأن الذي يفتت البلاد هو الدكتاتورية وليس الديمقراطية الكاملة والجهوية الحقيقية.
المغاربة ينتظرون اليوم من الجهوية نفس ما انتظره الإسبان من نظامهم الجهوي. إنهم لا يريدون أن «تفرع» لهم النشرات الإخبارية رؤوسهم بالحديث عن نظرية الجهوية، بل يريدون رؤيتها على الأرض، ورؤية الجهات وهي تتحول إلى أوراش عمل، ويكون الجميع مقتنعا بمغربيته، وأيضا بخصوصيته.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق