الجمعة، 15 يناير 2010

إلى متى سنظل نكبر جنب عشب البرلمان؟

لا يحتاج الإنسان إلى دبلوم في الطب كي يعرف ذلك: البلاد مريضة. وكل ما نتمناه ألا يكون مرضها خبيثا، لأن الفساد صار ينتقل بالميتازتاز، في جسدها المنخور، من السياسة إلى الثقافة، مرورا بالاقتصاد والعدالة والصحة... فشل في كل القطاعات. حتى الرياضة، التي ظلت تصنع سعادة الناس، دون أن تكلف الدولة شيئا، ضربتها الجائحة، والشكر لجنرالات الهزائم. بعد أن كانت راية المغرب ترفرف في «البوديومات»، أصبحنا لا نذكر إلا في فضائح المنشطات، أو مع رياضي بدل جنسيته، انتقاما من جامعة أهملته، أو مسؤول سرق عرقه. أكثر من ثلاثين مليونا يشعرون، هذه الأيام، بـ«الحكرة»، وهم يتابعون مباريات نهائيات كأس إفريقا للأمم، من دون «أسود الأطلس»، نقول أسود الأطلس تجاوزا حتى لا نأتي على ذكر حيوان آخر مشهور هو أيضا في الأطلس. في انتظار الحسرة الكبرى، الصيف المقبل، في جنوب إفريقيا. كل المجالات التي كانت ترفع فيها الراية المغربية، ضربها الإفلاس... جميع كراتنا مفشوشة، في انتظار «بطل» يخلصنا. أهي صدفة أن المنتخب الوطني لم يذهب إلى نهائيات كأس العالم، منذ 1998؟ أي أنه لم يتأهل، ولو مرة واحدة، أخشى ألا تكون الرياضة وحدها التي أفلست...
فإلى جانب الرياضة، هناك وفاة جماعية للأحزاب، ووزير أول هو الأضعف منذ الاستقلال، وحكومة بلا لون ولا طعم ولا رائحة، وطرد مفخخ اسمه «الأصالة والمعاصرة». خليط من اليساريين التائبين، والمخزنيين المخضرمين، والانتهازيين المتخصصين في أكل الكتفة.
طوال السنوات العشر الأخيرة، ظل الشعب يعلق خيبات البلاد على مشجب الحكومة، ويمسح رجليه في الأحزاب التي كانت تملك قليلا من المصداقية.
الحكومة الآن في الحضيض، والأحزاب لم تعد تستطيع أن تجفف حتى باب دارها. التراكتور حرث وحصد، وفرق الغلة على من ركبوا، ومن أفسحوا الطريق، وعلى من بايع وشايع، لكنه قتل امرأة ، من معدن نادر، اسمها «المصداقية». دهسها بعجلاته الضخمة، وواصل المسير.
ما أصعب أن يكون عمرك اليوم عشرون عاما، وتفتش عن حزب تنخرط فيه، كي تساهم في بناء ذلك الوهم الذي سميناه، أيام المراهقة، «مغرب المستقبل». السياسية صارت حلبة سباق، مليئة بالعدائين الهواة الذين يريدون الوصول، بأي شكل.. على حساب المبادئ أو على جثث الآخرين، لا يهم. من وصل، يجر معه أفراد العائلة، يوزع عليهم الكراسي والمناصب، ويترك أبناء الشعب يستعملون شهاداتهم في المراحيض. الفوارق الطبقية لا تزداد إلا تكرسا مع توالي السنوات واللصوص. والفرق بين حي الرياض ويعقوب المنصور صار يشبه الفرق بين تل أبيب وقطاع غزة. البلاد مريضة، والمستقبل غامض، والشعب مازال يفتش عن أجوبة لأسئلة بسيطة: أيهما الأهم، شهادة الدكتوراه أم شهادة الميلاد؟
لماذا يشتغل عبد المجيد الفاسي، مديرا في التلفزيون، ويعتصم عبد المجيد غير الفاسي، بحثا عن شغل؟
إلى متى سنظل نكبر جنب عشب البرلمان؟

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق