الثلاثاء، 29 ديسمبر 2009

ضحية اغتصاب جماعي تنبذ الزواج وتقاوم فكرة الانتحار

تمشي مطأطأة الرأس في الحي وتدمن الحبوب المهدئة
المساء
شفاء سميرة من تجربة الاغتصاب الذي تعرضت له لم يكن أمرا هينا. حصلت على الطلاق قبل سنة، بعد زواج لم يدم سوى ستة أشهر، وعادت للعيش في بيت والديها في سطات والعمل في البيوت كخادمة لتوفير لقمة العيش لأسرتها. غادرت في وقت متأخر في إحدى ليالي الصيف الماضي عملها بعد أن تأخرت في حفل العقيقة في البيت الذي كان تشتغل فيه. لم تنتبه إلى السيارة التي كانت تلاحقها في الزقاق، وعندما أحست بذلك ترجل شابان بسرعة من السيارة وأمسكا بها. أغلق أحدهما فم سميرة بقوة لكي لا تصرخ وأدخلاها على الفور إلى السيارة التي غادرت الزقاق. «اغتصبوني بوحشية ولم أتعرف على أي واحد منهم لأنهم كانوا ملثمين. ظللت أبكي بلا توقف طيلة أسبوع، لأزور طبيبا نفسيا وصف لي أدوية مهدئة وباشرت التبليغ عن الحادث لدى السلطات الأمنية»، تحكي سميرة لـ»المساء». 

شاع الخبر في الحي عن حادث الاغتصاب الجماعي، وبدأت أعين الجيران تراقب بصمت سميرة وأفراد أسرتها، وعيونهم تحمل الأسى لمصابها. تعترف سميرة بخيبة: «لا أنكر أن عائلتي وقفت إلى جانبي في محنتي، وهو ما لم أكن أتوقعه أبدا. لكنني أحس دائما بأنني ملوثة وأكره النظر إلى الرجال مرة أخرى».
فكرت سميرة في الاتصال بإحدى الجمعيات المتخصصة في رصد حالات العنف ضد النساء بالدار البيضاء لعرض قصتها، لتلتقي بالعديد من السيدات اللواتي تعرضن للاغتصاب مثلها وتتعرف عليهن. تتابع قائلة: «انطفأت نار الانتقام من الجناة في نفسي تدريجيا عندما أتيت إلى الجمعية، مازلت أمشي مطأطأة الرأس في الحي لكنني على الأقل استعدت ثقتي في نفسي، بعد أن وجدت فرصة شغل في مصنع للأقمشة ببرشيد».
وطور مركز طبي هولندي نوعا جديدا من العلاج الجماعي لضحايا الاعتداءات الجنسية، ويهدف النوع الجديد من العلاج الذي يحمل اسم «ستيبس» إلى تقليل أعراض اضطراب ما بعد الصدمة بين المراهقات اللاتي وقعن ضحية للعنف والاغتصاب.
وتدور فكرة العلاج حول إتاحة الفرصة للفتيات لتبادل خبراتهن المتعلقة بتلك المواقف مع الفتيات الأخريات في مجموعات صغيرة لا يزيد عدد المشتركات فيها عن أربع فتيات. ويقول الباحثون إن الفتيات يستفدن من تبادل خبراتهن المتعلقة بتلك المواقف مع نظيراتهن اللائي مررن بمواقف مماثلة. كانت سميرة تدرك جيدا أن حياتها ستتغير بعد الاغتصاب وأن تجاوزها لآثار الحادث سيتطلب وقتا طويلا.
لم تعد سميرة تفكر في الانتحار، كما في السابق، ولم تعد فكرة الزواج مرة ثانية ضمن مخططاتها المستقبلية، لأنها تعتقد أنها عاجزة عن الدخول في علاقة جسدية، حتى لو كانت في إطار شرعي. «لا يمكنني أن أغير ما حصل لي لأن الأمر كان مقدرا، ابتعدت كثيرا عن مخالطة الناس رغم أنني كنت إنسانة اجتماعية في الماضي، لا أفكر الآن سوى في كيفية التعايش مع ما جرى لي».

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق